لمراسلتنا

attarbiyapress@gmail.com

البوابة الخاصة بالحركة الانتقالية

الموقع الرسمي لخدمة مسار

موقع مؤسسة محمد السادس

موقع بوابة التشغيل العمومي

موقع التضامن الجامعي

الموقع الإلكتروني لـ CNOPS

موقع وزارة التربية الوطنية

بسبب الإقبال الكبير على مدارس رئيس الحكومة الخصوصية في سلا، بدأ هذا الأخير يفكر في شراء المنازل المجاورة في الحي الذي وطن به مدارسه من أجل توسيع شبكة وفرع هذه المدارس. وفي الوقت ذاته بدأ «الجيش» الإعلامي والنقابي لحزب بنكيران معركة معلنة مع وزير التعليم رشيد بلمختار، بسبب ما يعتبرونها إهانات معلنة وكثيرة وجهها هذا الأخير لنوابه وممثلي نقابته، سواء في مداخلاته البرلمانية أو عبر الصحافة، كان آخرها قلبه الطاولة على المدافعين على اللغة العربية، والمتواجدين بكثرة في ديوان بنكيران، عندما نسب قرار تبني الباكلوريا الدولية لمحمد الوفا، وهذا ما سبب إحراجا كبيرا لهم، لأنهم حينها ابتلعوا ألسنتهم.
وقد كنا تكلمنا حول الطريقة التي اتخذ بها الوزير السابق قرار اعتماد هذه الباكلوريا، وهي طريقة أقرب إلى التهريب منها إلى قرار إداري شفاف، عندما استدعى في آخر السنة الدراسية لـ 2013، أي في يوليوز، سبعة نواب وسبعة مديري مؤسسات تعليمية، وأمرهم بفتح أقسام لهذه الباكلوريا بأي ثمن، لذلك سارع هؤلاء إلى الاتصال بأصدقائهم ومعارفهم لتجميع أقسام، لتنطلق الدراسة في شتنبر 2013، أي قبل التعديل الحكومي الذي جاء ببلمختار.
وطبعا حينها ابتلع نقابيو وحزبيو بنكيران ألسنتهم، مع أن هذه الباكلوريا ستطبق حرفيا برنامجا دراسيا فرنسيا، بل وستشرف عليه هيئة من المفتشين الفرنسيين التابعة للبعثة الثقافية الفرنسية، وعندما قال بلمختار مرارا إن قرار الباكلوريا الدولية، هو قرار اتخذ قبله، فمعناه أن الذي يتحمل المسؤولية هو رئيس الحكومة، وليس شخصا آخر، اللهم إلا إذا اتخذ محمد الوفا هذا القرار دون علم من رئيسه، فهنا نصبح أمام موضوع آخر.
علما أن اتخاذ الحكومة لقرار تبني الباكلوريا الدولية، يعد ضربا قاتلا لمبدأ الوحدة، كأحد مكاسب التعليم في مغرب الاستقلال، لكن إخوان بنكيران يقتلون الميت ولا يضيرهم أن يمشوا في جنازته ويتقبلوا العزاء فيه. فرئيس حكومتهم كان على علم باتخاذ هذا القرار، وفي نفس الوقت يصدرون عبر النقابة والجمعيات التابعة لهم، البيانات تلو الأخرى للتنديد به، ولم يجدوا غير بلمختار ليلصقوا به هذه التهمة، لسبب بسيط، تلخصه الآية الكريمة التالية أيما تلخيص: «قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول، وإنا لنراك فينا ضعيفا، ولولا رهطك لرجمناك، وما أنت علينا بعزيز».
لذلك فالكبت الخطابي الذي راكمه إخوة بنكيران على عهد الوفا، بدؤوا الآن يفجرونه، وقد كانت مناسبة اتخاذ بلمختار لقرار منع رجال و نساء التعليم من استكمال التعليم الجامعي، بمثابة الذريعة التي لطالما انتظرها هذا الحزب، نظرا للشعور المخزي بـ«الشمتة» التي يشعر بها منذ أن تيقن أنه يقود حكومة بدون تعليم، لكون صاحب حقيبة التعليم أعلنها في وجوههم مرارا، عندما أكد أن ملف التعليم غير معني بالأجندة السياسية للحكومة، وهي الحقيقة «اللي ماتسرطاتش» لحزب بنى «أمجاده» الانتخابية على أكتاف رجال التعليم، لذلك فقد استغل الجيش الإعلامي والنقابي للحزب هذه المناسبة لرد الصرف، للظهور بمظهر المدافعين على مصالح رجال التعليم، ونسوا السنوات التي كانوا فيها يمدحون ويهللون لقرارات وممارسات أسوأ بكثير.
اليوم، ولأن بلمختار أعلن موقفه من السياسيين والنقابيين، الذين يتحملون حسب رأيه كارثة التعليم، فإنهم «جبدو الجناوا»، وبدؤوا بمحاولات تنظيف سيرتهم المتواطئة ضد رجال التعليم، وقد زاد من حماستهم لذلك، تلك الصفعة التي وجهها لنقابة يتيم، عندما اتهم نقابييها بفقدان النزاهة الفكرية، وذلك في حوار مع إحدى الجرائد الوطنية مؤخرا، وعلل هذا الحكم، بكونه يستغرب من أن يأتي نقابيون للحوار معه، وعندما يخرجون من مكتبه يقولون عكس ما تم الاتفاق حوله. وكل الرأي العام ما يزال يتذكر حادثة على هامش ملف ما كان يعرف بـ«الأساتذة حاملي الشهادات»، حيث وعد نقابيو يتيم هؤلاء بحل المشكلة، عندما قالوا لهم بالحرف «على حسابنا، سيرو كونو هانيين»، وعندما وجدوا بلمختار ما يزال متشددا في موقفه بضرورة اجتياز المباراة، خرجوا من عنده، وانتظروا مغادرة بلمختار نحو أمريكا ليصدروا بيانا يقولون فيه إنهم حلوا المشكلة، معتقدين أنهم سيحرجونه، ليرد عليهم في أقل من 12 ساعة ببلاغ ناري.
ثم عندما تحدث بلمختار عن عزمه القضاء على التفرغ النقابي، لكون المتفرغين في نظره «أشباحا» يؤدون مهام لأحزابهم ونقاباتهم، وليس للمنظومة التربوية، فإن الحزب أحس فعلا بأنه إزاء محارب من طينة أخرى، لتندلع المعركة، ويبدأ تبادل لإطلاق النار، ويَخرج جيش بنكيران «كبته الكلامي» المخزون منذ «شمتة» التعديل الحكومي، وساحة المعركة كانت هي عدم السماح لرجال التعليم باستكمال تعليمهم الجامعي، مع أن هذا القرار، لم يكن بلمختار السباق لاتخاذه، بل هناك مذكرة واضحة موقعة من الحسن الداودي، يأمر فيها رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بعدم تسجيل الموظفين لديها، كان هذا في السنة الماضية، ومع ذلك لم يتكلم أتباع بنكيران أو ينددوا، لكن بمجرد أن جاء القرار من بلمختار هذه المرة، ركبوا الموجة كمحاولة منهم لاستغلال القرار لكسب ود رجال التعليم الساخطين من قرار التمديد من سن التقاعد، والذي اتخذته الحكومة، دون استشارة مع النقابات.
فما يجري الآن هو أن الحزب قرر أن يحول التعليم إلى ساحة لكسب النقط، لاسيما وأننا في سنة انتخابية، للظهور بمظهر «حامي المصلحة العامة»، مع أن العكس هو الصحيح، فبعد كارثة التجييش الذي أحدثوه في تركيبة المجلس الأعلى للتعليم، عندما سيطروا على أربع لجان من أصل ستة، ونظرا للإنزال الكبير الذي قام به الحزب، فقد استطاع الحزب أن يفرض في فئة الأطر التربوية والإدارية 16 مقعدا كاملة، دون الحديث عن الذين لبسوا عباءة المجتمع المدني والنقابة. لذلك فإن الحزب فاز بأربعة مراكز لمقرري اللجان دائمة، وهذه الصفة تتيح لصاحبها التواجد في مكتب المجلس، وهو أعلى هيئة فيه على الإطلاق، ويقرر في كل شيء، وهذا ما يريده الحزب. أما من جهة الفوائد المباشرة، فهناك فائدة مادية لأنها صفة مقرر هي مهمة « mission»، وهذا يدخل صاحب الصفة في خانة التعويضات وهذا بحكم القانون التنظيمي، وهي تحتسب بعدد الساعات التي قضاها وهو ينصت أو قضاها في مهام لها علاقة بصفته، وقد حددها القانون التنظيمي، مثلا الذهاب للبرلمان وحضور جلساته، بصفة مقرر لجنة، سيعني أن المجلس عليه أن يصرف تعويضا عن ذلك. بخلاف الأعضاء الآخرين والذين يعدون فقط متطوعين بحكم القانون أيضا.
وبعد كسب معركة المجلس الأعلى للتعليم، ها هم الآن يسعون لتجييش رجال التعليم ضد بلمختار، لعل وعسى يطمسون حقيقة خطاياهم في تدبير قطاعات كثيرة، ومن ضمنها التعليم طبعا، وسنعطي الأدلة الملموسة على أن هذا الحزب، ساهم ويساهم فعلا في الكارثة التي يعيشها التعليم الآن، بل إن بعض كبار النفاذين فيه، يعتبرون من أوائل المستفيدين من هذا الوضع الكارثي.
لكن قبل ذلك، وحتى لا نتهم بأننا أصبحنا ناطقين باسم رشيد بلمختار، أو الجهة التي يمثلها، نكرر ما سبق لنا أن كتبناه مرارا وتكرارا، وهو أن تواجد هذا الوزير في حكومة ما بعد دستور 2011 هو انتكاسة تتحمل الحكومة مسؤوليتها، فبدل الاجتهاد في تفعيل الدستور، والذي يؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة السياسية، باعتبار هذا المبدأ، مدخلا لا محيد عنه لإرساء الحكامة، فإن حزب العدالة والتنمية، قبل أن يتم التراجع عن هذا المبدأ الدستوري الذي صوت عليه المغاربة بالإجماع، تماما كما قبل بأشياء كثيرة مضادة تماما لكل شعارات الحملات الانتخابية، عندما وافق على استوزار تكنقراطي يحتقر السياسة والسياسيين، فإنه عطل آلية من آليات تفعيل الدستور وهو مبدأ المحاسبة.
بل ونضيف أن بلمختار يشكل بمفرده انتكاسة في مجال تدبير ملف التعليم، لكونه كرس عادة سيئة بدأت منذ تجربة التناوب في هذا القطاع الحيوي، وهذه العادة هي «الناسخ والمنسوخ»، حيث بمجرد ما يأتي وزير معين، يلغي كل المشاريع التي فتحها سابقه، ويبدأ في التخطيط لأخرى، ولا يكاد يشرع فيها حتى يقع تعديل حكومي يطيح به.
وهكذا، فعندما جاء الحبيب المالكي ألغى بجرة قلم كل ما خطط له عبد الله ساعف، وعندما جاء خشيشن فعل الأمر ذاته، والأمر ذاته فعلته لطيفة العبيدة، التي اضطرت إلى أن تعيد النظر في كل مشاريع البرنامج الاستعجالي بمجرد أن انتزعته من خشيشن، وحرصت على وضع لمستها الخاصة فيه. وعندما جاء محمد الوفا ألغى هو أيضا كل مشاريعها، وها هو بلمختار يلغي هو أيضا كل قرارات محمد الوفا، فأي وزير يدخل لمقر باب الرواح، إلا وشعاره الوحيد الأوحد «أنا وحدي نضوي البلاد»، وبلمختار ليس استثناء في هذه العادة السيئة، والتي تؤدي في الأخير إلى تضييع الجهود والوقت، فيما المدرسة العمومية المغربية تحتضر، ويزداد وضعها سوءا يوما بعد يوم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارشيف "الجريدة"

المواضيع الأكثر قراءة

الساعة الآن بتوقيت غرينيتش