لمراسلتنا

attarbiyapress@gmail.com

البوابة الخاصة بالحركة الانتقالية

الموقع الرسمي لخدمة مسار

موقع مؤسسة محمد السادس

موقع بوابة التشغيل العمومي

موقع التضامن الجامعي

الموقع الإلكتروني لـ CNOPS

موقع وزارة التربية الوطنية

 مرادي: هكذا تحوّل برنامج "مسار" إلى قضية رأي عام حول المدرسة
أقدمت وزارة التربية الوطنية على الشروع في تطبيق برنامج "مسار" الخاص بتدبير التمدرس للموسم الدراسي 2013-2014، ويأتي هذا البرنامج، حسب وزارة التربية الوطنية، في إطار المجهودات المتواصلة التي تبذلها الوزارة لتعزيز وتحديث تدبير قطاع التربية والتكوين باعتماد التقنيات الحديثة انطلاقا من المؤسسة التعليمية مرورا بالنيابة الإقليمية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين إلى الإدارة المركزية، في سعي لتتبع نتائج التلاميذ وضبطها وحماية عامة التلاميذ من الخلل الذي ظهر خلال السنوات الفائتة، عندما اعتمدت المعدلات في ولوج المعاهد والمؤسسات، مما دفع بالبعض حسب موقعه الاجتماعي إلى تضخيم النقط، الشيء الذي ترتب عليه حرمان التلاميذ النجباء من ولوج مؤسسات حسب اختياراتهم.
غير أن الشروع في هذا البرنامج من خلال وزارة التربية الوطنية أحدث شرخا بين الوزارة الوصية من جهة، والتلاميذ وأوليائهم من جهة أخرى، فجر مجموعة احتجاجات من قبل التلاميذ في عدد من ثانويات المغرب، احتجاجات جعل البعض يقارنها بانتفاضة 23 مارس 1965 التي تسببت فيها مذكرة يوسف بلعباس، وزير التربية الوطنية آنذاك، والقاضية بحرمان التلاميذ الذين تجاوزت أعمارهم 17 سنة من تجاوز السلك الثاني الثانوي، وما نجم عن ذلك من أحداث دامية في سياق ظروف سياسية خاصة، غير أن احتجاجات التلاميذ ضد برنامج مسار، في يومنا هذا، تحجب بعض الأسئلة: من يقف وراء هذه الاحتجاجات؟ وهل البرنامج ضد مصلحة التلاميذ فعلا أم أنه يساهم في التحسين من المردودية، وما دور جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بخصوص هذا البرنامج؟ وهل تتحمل الوزارة الوصية بعض الأخطاء في تنزيل البرنامج في عدم إشراكها الآخرين؟.
جريدة هسبريس الالكترونية أجرت استطلاعا للرأي، وطرحت سؤالا محوريا: هل تعتقد أن برنامج مسار الذي قررته وزارة التربية الوطنية يطور مردودية التعليم، أم ضد مصلحة التلميذ أو تسرعت فيه الوزارة؟.
بلغ عدد المشاركين في الاستطلاع 43709، واعتبرت نسبة 61.57 % من المصوتين أن برنامج مسار يطور مردودية التعليم، بينما نسبة 8.62 % من عدد المصوتين مالت إلى جهة كون البرنامج ضد مصلحة التلميذ، في حين أن نسبة 29.82 % اعتبرت ان الوزارة تسرعت في الشروع في البرنامج.
قضية رأي عام وطني حول المدرسة
المصطفى مرادي، الباحث في علوم التربية، اعتبر أن احتجاجات التلاميذ يمكن النظر إليها من زاوية إيجابية، لأنها "أثارت انتباه الرأي العام الوطني لقضية تربوية وتدبيرية في المدرسة المغربية".
واعتبر أن سوء الفهم هو الذي كان سائدا في علاقة الإدارة بالتلميذ، بسبب "ضعف السياسة التواصلية للوزارة". مستدركا في تعليقه على نتيجة الاستطلاع: "لكن هذا الاستطلاع حول برنامج مسار، يُظهر أن أغلبية المشاركين في الاستطلاع أبدوا تفهما لطبيعة هذا البرنامج الالكتروني، والذي من شأنه، إن وفرت الوزارة شَرطَي اللوجستيك والتكوين للموارد البشرية، أن يرسخ مبدأي الانفتاح و الشفافية في المؤسسات التعليمية وتصبح عمليات التقويم خاصة، والحياة المدرسية عامة، شأنا يهم كل المعنيين بأمر التلاميذ: مصالح خارجية، مفتشين، آباء..، أي يسهل عليهم سبل المتابعة بالرغم من أن الاستطلاع لا يكشف عن الفئات المشاركة فيه، لاستثمار ذلك في رصد موقف الرأي العام الوطني من البرنامج بشكل موضوعي، بحسب ما تؤكد ذلك مناهج البحث السوسيولوجي المعترف بها علميا، لكن يبقى السؤال ما هي نسبة التلاميذ الذي يعتقدون أن هذا البرنامج لا يمس من مردوديتهم في المراقبة المستمرة؟".
وعن أسباب انخفاض وتيرة الاحتجاجات في الأيام الأخيرة، يجيب الباحث في علوم التربية بأن "العمليات التواصلية المكثفة التي قامت بها الوزارة و نوابها، ولو بشكل متأخر، بدأت تعطي أكلها".
من يقف وراء هذه الاحتجاجات في صفوف التلاميذ؟
المصطفى مرادي، وفي معرض إجابته عن السؤال، رصد ظاهرة الاحتجاج منذ بدايتها، حيث اتخذت في البداية، حسب رأيه، "شكل احتجاج على برنامج اعتقد التلاميذ أنه يسيء لبعض الأنشطة التربوية والتعليمية، كالمشاركة والانضباط في الفصل الدراسي، وهي عناصر يأخذها الأساتذة بعين الاعتبار في وضع معدل الأسدس، لكن تطورت هذه الاحتجاجات لتصبح احتجاجا على قضايا تعليمية أخرى، وهو ما شجع مجموعة من التيارات النقابية والسياسية على محاولة استثمار هذا التحول، لتسجيل بعض النقط على الحكومة، ونظرا لانعدام التأطير السياسي للتلاميذ، حتى لا نقول ضعف، أجهض هذه المحاولات، لاسيما وأن بعض الانفلاتات التي شهدتها بعض الاحتجاجات حولت الموضوع، من قضية تربوية تهم وزارة التربية الوطنية، إلى قضية أمنية تهم وطن".
ومن يتأمل بعض الصور التي تم التقاطها للتلاميذ المحتجين، يضيف أستاذ الباحث في مركز تكوين الأساتذة بالقنيطرة، "سيلاحظ مظاهر الاحتفال في هذه الاحتجاجات، بدل أن تكون احتجاجات غاضبة، بشكل تجعلنا نستنتج أيضا ما ذهبت إليه بعض المصادر من النيابات التعليمية، التي قامت بعقد لقاءات مع التلاميذ المحتجين، وهي أن أغلبهم لا يعرفون سبب احتجاجهم".
أسباب الاحتجاجات وتوقيتها
أما عن توقيت الاحتجاجات، فكان مع نهاية الأسدس الأول، والعطلة البينية الثانية على الأبواب، "مما يعني أن توقيت الاحتجاجات هو توقيت ميت، والتلاميذ في حاجة للترفيه و الراحة بسبب ضغط الفروض، والتي اجتازوها في وقت قياسي، وهذا يفرض مساءلة البرمجة الوزارية للعطل و الفروض، وأيضا احترام المذكرة المؤطرة لفروض المراقبة المستمرة من طرف الإدارات التربوية بالمؤسسات" يورد الباحث في اتصال مع هسبريس.
وأضاف الباحث، في معرض بسط أسباب الاحتجاجات، أنه من الطبيعي في مناخ الجهل والتجهيل الذي تعيشه المدرسة المغربية، أن تتحول الإشاعات في مجتمع مغربي يؤمن بالحكاية وليس بالدراية، إلى مصدر تجييش للحشود.
وحمل المتحدث وزارة التربية الوطنية كامل المسؤولية في هذه الاحتجاجات، متسائلا: "ما مهمة مديرية الاتصال بالوزارة تحديدا؟ ألا يجدر بهذه المديرية أن تتعدى في مهامها دور متابعة أنشطة الوزيرين لتكون لسان الوزارة الذي يخاطب الرأي العام؟ كيف تطلب الوزارة من المؤسسات التعليمية تبني برنامج مسار للتواصل مع محيطها وهي أصلا غير متواصلة؟".
وزارة التربية الوطنية، وعبر بلاغ رسمي، تحدثت عن وقوف مزايدات سياسوية وراء الاحتجاجات، غير أن مرادي اعتبر أن هذا البلاغ مجانبا للصواب وينم عن سوء تقدير كبير من طرف الوزارة لحجم مسؤوليتها، أولا؛ لأنه، حسب رأي الباحث في علوم التربية، لا توجد قوة سياسية لها هذا التجدر الشعبي الذي يمكنها من تحريك مئات الآلاف من التلاميذ، ثانيا، من المؤسف أن يحتج جيل الفايسبوك و غيره من مواقع التواصل الاجتماعي يحتج برنامج إلكتروني يقوم عل التقاسم والإشراك والشفافية، لأن "أغلب تلامذة اليوم، ممن يقطنون الحواضر على الأقل، لهم حسابات إلكترونية شخصية ينشرون فيها صورهم و أفكارهم ويتقاسمونها مع أصدقاء افتراضيين وواقعيين، وهذا سبب آخر يجعلنا نساءل فرضية المؤامرة التي رجحتها الوزارة".
هناك فرق بين مغرب 1965 ومغرب 2014
وأما عن المقارنة بين الثورة التلاميذية التي حدثت في سنوات الرصاص وهذه الاحتجاجات، فقد اعتبر مرادي في اتصال مع هسبريس، أن هذه المقارنة "محكومة بنوع من التسرع وعدم المعرفة بحقيقة الوضع التعليمي للستينيات والسبيعنيات"، حيث أن تلامذة جيل الستينات "أخرجتهم هواجس الانتماء لوطن، وطن ريعي استبدادي آنذاك، وكانت مطالبهم من صميم المطالب التي كان يدافع عنها ما كان يعرف بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهو التنظيم الذي حرص من خلال مؤتمرات على الانفتاح على طبقة التلاميذ وتأطيرهم، وقد تأتى له ذلك في مدن كثيرة، حيث كانت تعقد الحلقيات في الثانويات لتأطير التلاميذ، ومناقشة قضايا الوطن من قبيل التوزيع العادل للثروات والاستبداد، وكان من الطبيعي داخل هذا المناخ السياسي و الإيديولوجي المتأثر بالإيديولوجية الماركسية تحديدا، أن التلاميذ الحاصلين على الباكلوريا يكونون مؤهلين للانخراط في العمل السياسي، أما تلامذة اليوم فقد أخرجتهم تخوفاتهم من ضياع الفرص التي يحصلون بها على نقط مرتفعة، إما بالساعات الإضافية أو التملق أو التهديد، تلامذة السبعينيات و الثمانينات يحتجون من أجل وطن، وتلامذة اليوم يحتجون كل من أجل مصلحته".
واستطرد مرادي بالقول: "ليس القصد من هذه المقارنة، النظر من مرآة متجهة للماضي فقط، وتمجد السابقين وتبخس اللاحقين، فلكل زمان رجاله وشبابه، إنما القصد هو أن مقولة تغير مستوى اهتمام التلاميذ من المجتمعي نحو الفردي، من الجماعي إلى الشخصي، هو نتاج أخطاء في السياسات التعليمية المتعاقبة، والتي أنتجت جيلا ينظر للتعليم على أنه طريق المهنة وليس طريق التنوير، وكأني بالمدرسة المغربية أضحت تنتج آلات".
جمعيات آباء وأولياء التلاميذ.. غياب أم تغييب؟
وهل جمعيات آباء وأولياء التلاميذ غائبة أم مغيبة؟ يجيب مرادي: "لا أعتقد أن مصطلح التغييب يليق بعدم صدور أي موقف قوي ومؤثر من جميعات الآباء، بل الصائب هو أن نقول غياب أو ظهور خافت وغير مؤثر، ذلك أن جمعيات الآباء ليست كتلة مجتمعية لها هوية واضحة ومتجانسة، بالرغم من وجود ائتلاف وطني تنتظم فيه بعض هذه الجمعيات، بل وهناك مؤسسات تعيش فيها هذه الجمعيات انقسامات عرقية و سياسية و أحيانا شخصية، لذلك رأينا مواقف محتشمة و متناقضة من بعض هذه الجمعيات على صعيد المؤسسات، ففي طنجة مثلا أصدرت بعض الجمعيات بيانا تساند فيه برنامج مسار، بينما في مدن أخرى طالبت بتوقيفه، وفي كلا الموقفين تلعب الخلفيات السياسية للنافذين في هذه الجمعيات دورا حاسما، لكنها في جميع الحالات تبقى غير مؤثرة، وهذا واقع خطير يحيل إلى فرضيتين مأساويتين: فإما أن الآباء لا يهتمون بما يشغل أبناءهم أو أن مواقفهم لا تؤثر في أبناءهم، إذ لاحظنا أنه بالرغم من صدور بيانات محلية عبرت فيها بعض الجمعيات عن مساندتها للبرنامج، فإن التلاميذ استمروا في احتجاحهم وكأن شيئا لم يكن، وكلا هاتين الفرضيتين خطيرتين".
ويخلص المصطفى المرادي في حديثه مع هسبريس إلى كون هذه الاحتجاجات كشفت عن معطيات كثيرة، ومن أهمها:
أولا: فقد كشفت هيمنة البيروقراطية على وزارة التربية الوطنية، وأن الجهوية في التعليم ما تزال مجرد شعار في ظل أعراف إدارية بائدة، إذ كيف يمكن للحديث عن الجهوية المتقدمة التي تبناها المغرب دستوريا في 2011 مع برنامج مركزي.
ثانيا: كشفت أيضا ضعف جمعيات الآباء، إن لم نقل موتها، وهذا أمر مؤسف، فليس هناك أسوء من نظام تعليمي تتخلى فيه الأسر عن مهامها، وهذا المعطي له علاقة بالمعطى الأول، ففي الأنظمة الجهوية الحقيقية، والتي تكون فيها للجهات ملامح واضحة في سياساتها التعليمية، كما هو الحال في كندا مثلا، يشارك الآباء، ليس فقط في البرامج و المناهج، بل وأيضا في تقويم المدرسين وترسيمهم وتشغيلهم، لذلك من الطبيعي في مناخ صحي كهذا أن تتحول جمعيات الآباء هناك إلى سلطة حقيقية، ولا يمكن لوزارة التعليم هناك أن تقوم بأي خطوة مهما كانت صغيرة إلا بالتشاور معها، أما عندنا فما تزال الدولة، بالرغم من كل الشعارات، تحتكر التعليم، وترسخ هذا الاحتكار أكثر في النسخة الثانية من حكومة بنكيران، عندما تم تعيين وزير تقنوقراطي يعود لمرحلة ما قبل حكومة التناوب، وفي هذا نعي صريح ومعلن لكل ما جاء بعد سنة 1999، والدليل هو أن المجلس الأعلى للتعليم شرع، مباشرة بعد تعيين رئيسه الجديد في إجراء جلسات الاستماع، وكأن المغرب بدأ من الصفر، أو خرج للتو من استعمار مدمر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارشيف "الجريدة"

المواضيع الأكثر قراءة

الساعة الآن بتوقيت غرينيتش